/ الفَائِدَةُ : (49) /
23/03/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / المراد من عنوان(الْقَلَم) و(اللَّوْح) الواردان في بيانات الوحي / المراد من عنوان (القلم) الوارد في بيانات الوحي ـ منها: 1ـ بیان قوله تعالىٰ: [ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ](1). 2ـ بیان قوله تبارك اسمه: [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ](2) ـ : الأَمر والموجود التَّكويني؛ صاحب القابليَّة علىٰ النَّقش والتَّأثير والإِيجاد والفيض؛ وخلق أُمور وَأَطْوَار وكمالات وإِرَادَات تكوينيَّة علىٰ ما دونه من النُّفوس الكُلِّيَّة والجزئيَّة، ويُعبَّر عن تلك النُّفوس ـ لا سيما الكُلِّيَّة ـ بـ:«أَلْوَاح القدر». فالمراد من عنوان (اللُّوح) الوارد في بيانات الوحي: الموجود الَّذي تُنتقش فيه أُمور وحقائق تكوينيَّة، وليس نقش تطريز وخرائط وأُمور اِعتباريَّة. إِذَنْ: القلم قوَّة فوقيَّة، شفَّافة ومُجرَّدة تجرُّداً نسبيّاً(3)، من قوىٰ النَّفس(4)، يُمْلِي ويُفيض علىٰ ما دونه من النُّفوس(5) أُموراً وإِرَادَات تكوينيَّة. وبالجملة: عنوان (القلم) يُشار به في بيانات الوحي وفي أَبواب المعارف الإِلٰهيَّة عادة إِلى درجة وجوديَّة لموجودات أَعظم وأَعلىٰ من اللَّوْح. وعليه: فالنُّفوس الكُلِّيَّة، بل والعقول بلحاظ ما تحتها أَقلام، وبلحاظ ما فوقها أَلوَاح، فالعقل ـ مثلاً ـ أَحَد منابع وإِلهام ونقش الصُّور التَّكوينيَّة والمعلومات والميول علىٰ ما تحته من النُّفوس؛ فما يُفيضه العقل علىٰ النُّفوس ـ كُلِّيَّة كانت أَم جزئيَّة ـ من معلومات هو نوع كتابة ونقش تكويني حقيقي، فيصدق عليه بهذا اللِّحَاظ عنوان (القلم)، ويصدق عليه أَيضاً؛ لكن بلحاظ ما فوقه عنوان (اللَّوْح)؛ لأَنَّه تُملىٰ وتُفاض عليه إِرَادَات وبرامج وميول من جواهر فوقيَّة، أَعلىٰ وأَشَف وَأَلْطَف منه. وعلىٰ هذا قس حال النُّفوس ـ كُلِّيَّة كانت أَم جزئيَّة ـ ؛ فإِنَّ طبيعتها مُتعلِّقة بأَجسامٍ ـ كبيرة كانت أَم صغيرة ـ ، يُعطيها ذلك التَّعَلُّق قابليَّة وكفاءة تدبير وتقدير وهندسة مقادير ـ زمانيَّة جغرافيَّة بيئيَّة ـ لإِيْجَاد الأَفعال في ما تحتها من النُّفوس والأَبدان الجزئيَّة ـ بل والكُلِّيَّة. وعليه: فالعقول والنُّفوس أَقلام وأَلوَاح؛ فهي أَقلام بلحاظ ما تحتها، وهي أَلوَاح بلحاظ ما فوقها، تُمْلَىٰ وتُفاض عليها إِرَادَات وبرامج وميول من جواهر فوقها أَعلىٰ وَأَشف وأَلطف منها. مثاله: عَالَم السَّماء الأُولىٰ ـ وهي بدن الملك إِسماعيل عليه السلام ، ونفسها الكُلِّيَّة نفسه ـ ؛ فإِنَّها تُدير أُمور وشؤون ما تحتها من مجرَّات وكواكب والأَرضين السَّبع، وتُملي وتُفيض عليها إِرَادَات وبرامج وميول، فالسَّماء الأُولىٰ قلم بلحاظ ما تحتها، وهي لوح بلحاظ عَالَم السَّماء الثَّانية؛ فإِنَّه يُدير ويُدبِّر أُمورها وشؤونها، ويُمْلِي ويُفيض عليها إِرَادَات وبرامج ومیول، فكانت السَّماء الأُولىٰ لوح للسَّماء الثانية. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) القلم: 1. (2) لقمان: 27. (3) أَي: بلحاظ ما تحتها. (4) المراد من عنوان (النَّفس) في المقام: معناها الوسيع؛ فتشمل: النَّفس بالمعنىٰ الأَخصّ ـ الكُلِّيَّة والجزئيَّة ـ والعقل. (5) كُلِّيَّة كانت تلك النُّفوس أَم جزئيَّة، ويُعبَّر في بيانات الوحي عن النُّفوس بهذا اللِّحاظ بـ: (الأَلواح)